كلمة المستشار الدكتور/ حنفي جبالي رئيس مجلس النواب المصري أمام المؤتمر الـ 34 للاتحاد البرلماني العربي

معالي الأخ العزيز/ محمد ريكان الحلبوسي رئيس الاتحاد البرلماني العربي،
رئيس مجلس النواب العراقي ،،،

أصحاب المعالي رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود البرلمانية العربية ،،،

السيدات والسادة الحضور ،،،

اسمحوا لي في البداية أن أحمل من مصر حكومة وشعباً رسالة حب وتقدير ودعم إلى العراق الشقيق وشعبه العربي الكريم الذي كان ولا زال يضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء، ليظل العراق كما كان عبر التاريخ بوابة الأمة العربية وحصنها الشرقي المنيع، وإنه لمن حُسن الطالع أن تحتضن بغداد العروبة أعمال مؤتمرنا في دورته الحالية، والتي أثق تمام الثقة في أنها ستكون تاريخية في أعمالها ونتائجها، وفي هذا الإطار، أود أن أُعرب عن بالغ تقديري للجهود الدؤوبة التي بذلها ويبذلها الأشقاء في مجلس النواب العراقي برئاسة معالي الأخ العزيز/ محمد ريكان الحلبوسي من أجل أن يظهر مؤتمرنا بأبهى صورة تليق بالعراق العظيم وحضارته العريقة.

الأشقاء الأعزاء ،،،

لعلكم تتفقون معي أن بلادنا العربية تمر منذ فترة بأمواج متلاطمة من التحديات الجسام، هددت أمن واستقرار مجتمعاتنا، حتى كادت أن تودي تماماً بأمتنا العربية، فما بين تقويض لتماسك وبنية الدول الوطنية ومؤسساتها مروراً بموجات ارهابية شديدة الشراسة بالتزامن مع أزمات اقتصادية واجتماعية مُزمنة وتدخلات خارجية في الشئون الداخلية لدولنا العربية، جاءت هذه المُعضلات لتُظهر بما لا يدع مجالاً للشك الحاجة الماسة لصياغة مُقاربة عربية مُشتركة لمواجهة تلك التحديات غير النمطية وحفظ الأمن القومي العربي امتثالاً لعوامل الوحدة التي تربط نسيجنا العربي برباط متين أحكمته مسيرة التاريخ ووحدة المصير والمستقبل.

لم يكن عراقنا الشقيق ببعيد عن التحديات والأخطار غير النمطية التي داهمت منطقتنا العربية، بل نستطيع القول أن العراق وعلى مدار سنوات طويلة مضت تحمل ما لا يطيق في مواجهة جملة مُعقدة من المُهددات، أثقلت كاهله، لكن الشعب العراقي العظيم ببسالته المعهودة واجه تلك التحديات، واستطاع أن يُحقق انتصاراً تلو الآخر، وبذل الغالي والنفيس في تلك المواجهة، ولم يكتف العراق بما حققه من نجاحات في مواجهة تلك التهديدات، بل عملت الدولة العراقية الشقيقة على ترميم آثار تلك المواجهة الباسلة، فأطلقت  العنان لمشاريع إعادة الإعمار، والتي تُعد تمهيداً لإحداث طفرة تنموية شاملة يستحقها المواطن العراقي، وهو ما يجعلنا ننظر إلى النموذج العراقي العربي بفخر شديد، ويُلزمنا كأشقاء أن نمد له يد العون والدعم بكافة أشكاله، تعزيزاً لقيم التضامن العربي وإيماناً صادقاً وراسخاً بأهمية عودة عراق آمن ومستقر وقوي لمكانه الطبيعي في معادلة القوة العربية.

السيدات والسادة الحضور ،،،

لم تكن الدولة المصرية بعيدة عن الأخطار الجسيمة التي أحاطت بمنطقتنا العربية، فما إن خرجت مصر منتصرة في معركتها ضد قوى الفوضى والإرهاب والظلام، حتى صاغت مقاربتها الشاملة لإنقاذ الدول العربية الشقيقة من براثن الفوضى والسقوط والتي تستند على جملة من الأمور أبرزها الحفاظ على بنية وتماسك ووحدة الدول الوطنية العربية ومؤسساتها والرفض التام لأية تدخلات خارجية في الشئون الداخلية للدول العربية ترسيخاً لمفهوم الوطن المستقر والآمن.

وعلى صعيد العراق الشقيق الذي لطالما رأت فيه مصر أحد ركائز الاستقرار والأمن العربي، وهو ما حدا بالدولة المصرية إلى دعم العراق على عدة مستويات، فعلى الصعيد الأمني، ساندت مصر العراق في حربه ضد قوى الارهاب والظلام والتي انتهت بانتصار عراقي مبين أثلج صدورنا جميعاً، وعلى الصعيد السياسي، تدعم مصر ما يقوم به العراق من إجراءات لتقوية وبناء مؤسسات الدولة، وفي هذا الإطار، ترحب مصر باستكمال العراق مراحل الاستحقاق الدستورية مؤخراً، وهو ما يصب في صالح تدعيم استقرار الدولة العراقية ومؤسساتها، كما نود التأكيد على رفض مصر القاطع والتام لأية تدخلات خارجية في الشأن العراقي تهدف لإذكاء النعرات الطائفية باعتبارها معول هدم وتخريب لبنية وتماسك المجتمع العراقي، الذي يُعد تنوعه مصدر إثراء وقوة.

 

على الصعيد الاقتصادي، سعت مصر بكل إرادة صادقة لترجمة رؤيتها لعراق مستقر وآمن إلى واقع فعلي، بحيث انتقلت خطط التعاون الثنائي من مرحلة النوايا والتشاور إلى مرحلة الاتفاق على الشروع في اتخاذ خطوات تنفيذية غير تقليدية تكفل ترسيخ التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، وتُزيل العقبات التي تعترض طريقه، خاصة في مشروعات إعادة الإعمار والبنية التحتية في العراق الشقيق، كما انضمت إلينا المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة لتصبح آلية التعاون الثلاثية المصرية – العراقية – الأردنية مثالاً يُحتذى به لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية – العربية.

الحضور الكريم ،،،

إن عراقاً مستقر وقوي يُعد إضافة محورية لا غنى عنها لمنظومة الأمن القومي العربي، ومن منبرنا البرلماني العربي المرموق، فإنني أدعو الدول العربية إلى دعم العراق الشقيق، كما أدعو برلماناتنا العربية لبلورة رؤية برلمانية العربية لتعزيز التضامن العربي مع الشعب العراقي الشقيق في إطار الضرورة المُلحة لإعلاء قيم التكامل العربي انطلاقاً من وحدة المصير والمستقبل لأمتنا العربية.

وختاماً، أتوجه بحديثي إلى الشعب العراقي الشقيق بالقول “بأننا على ثقة تامة بعودة العراق الشقيق إلى مكانته المعهودة عبر التاريخ، وأنكم قادرون بعون الله وإرادتكم الصُلبة على المُضي قُدماً بخُطى ثابتة نحو مُستقبل واعد مزدهر تستعيدون فيه زمام المجد والحضارة العراقية الضاربة في جذور التاريخ، حافظوا على بلدكم العظيم ووحدته وسيادته فهو أمانة في أعناقكم”

أشكركم على حسن الاستماع وأتمني لأعمال مؤتمرنا التوفيق والسداد.