كلمة رئيس مجلس النواب خلال الذكرى السنوية الـ19 لاستشهاد شهيد المحراب واسبوع الوئام العالمي بين الأديان

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الأخ السيد عمار الحكيم راعي التجمع المحترم رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية

فخامة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح
دولة رئيس مجلس الوزراء الأخ مصطفى الكاظمي
سيادة رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور فائق زيدان
الإخوة والأخوات والسيدات الحضور
‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نستذكر معاً هذا اليومَ مناسبتين مهمتين نستلهم منهما معاني الوحدةِ والقوةِ وهما استذكارُ استشهادِ سماحةِ السيد محمد باقر الحكيم وأسبوعُ الوئامِ العالمي، ونحن بأمسِّ الحاجةِ إلى استحضار هذه الركائزِ والمعاني في مرحلةٍ تتطلب مزيدا من التعاونِ والتكاتفِ لعبور الظرف الحالي إلى ضفة الاستقرار، للشروع بمهمةِ بناءِ الدولة على أسس متينة وسليمة، والبدء بمرحلةٍ جديدة من العمل الوطني المشترك للخروج من تداعياتِ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي خلفتها الفترةُ السابقة بعد سنواتٍ من الحربِ الشرسةِ ضد الجماعاتِ الإرهابية التي استنزفت قوةَ الدولة، وأشغلت المجتمعَ، وعطلت عجلةَ التنميةِ والتطور.

نستذكر في هذا اللقاء أحدَ أهمِ رجالاتِ الوطن المؤسسين للعمليةِ السياسية الجديدة، ذلكم هو سماحةُ المرحوم السيد محمد باقر الحكيم والذي قدَّم نفسَه إلى جانب من سبقه من الشهداء لهذا الوطنِ العزيز، ليُكملَ بعد ذلك من بعدِه مسيرةَ الحكمة الأخ العزيز سماحة السيد عمار الحكيم، الذي عهدناه حكيماً ناصحاً مخلصاً يجسّدُ خطابَ هذا البيت العريقِ والعائلةِ العتيدة.

أيها الأخوات والإخوة

إن الصراعاتِ الجاريةَ في بعضِ دول العالم وخصوصا تلك التي واجهت كارثةَ الإرهاب وما نتجَ عن أجواء الحرب من الخوفِ والهلع، كان سببه قيام مجموعاتٍ ضالةٍ متطرفةٍ خرجت على مبادئِ الأديان الداعيةِ إلى التسامح والرحمةِ والكرامةِ الإنسانية، والشريعة السَمْحة، وأصابت بوحشيتِها المسلمين والمسيحيين والازيديين وكلَ أتباع الدياناتِ والمذاهبِ على حدٍ سواء.
ودفع الجميعُ في سبيل القضاءِ عليها ثمناً باهضاً للنصر تمثَّلَ بآلاف الشهداءِ والجرحى ودمارٍ واسعٍ لمحافظات عزيزة وغالية، ورغم كل ذلك فقد تغلب العراقيون على تداعيات هذه الحربِ والأزمة الخطيرةِ، فحقق العراقُ في مجال الوئام الديني شوطاً مهماً في الوعي والتطبيق، إذ تكللت هذه الجهودُ من خلال تبني والتزامِ خطابِ التسامحِ والحوارِ والتفاهمِ، وقد نتج عن ذلك وفي أثره الزيارةُ التاريخيةُ لقداسةِ بابا الفاتيكان ولقاؤُه بسماحةِ السيد السيستاني (دام ظله) والقياداتِ العراقيةِ وزيارتُه لذي قار ونينوى وأربيل.
ومثل ما كان العراق منبعاً لكلِ الأديان والرسالاتِ السماوية فإنه اليوم على أتم الاستعدادِ ليكون قبلةَ الحوارِ والتسامحِ والفكرِ، ليكون محوراً وملتقىً لكلِ الأشقاءِ والأصدقاء، وقطباً في قلبِ الرَحَى ليلعبَ دورَه الذي يستحقُه في توازنات المنطقة والعالم.

الحاضرون الكرام

إن الأوطانَ لا تبنى إلا بالتعايش وبالوئام، ولا تنهضُ وتتطورُ إلا بالتسامح وقبولِ الآخر، وقد كنَّا وما زلنا بفضل الله كعراقيين بيتاً موحداً متعايشاً ومتكاتفاً ومتعاوناً في السراء والضراء، رغم تعددِ أعراقِ وأديان ِومذاهبِ شعبِنا وتنوعِ انتمائِهم الفكري والسياسي.
وها نحن اليوم على أعتابِ عهدٍ جديدٍ يتبنَّى الإصلاحَ منهجاً ويتقدَّمُ بعزمٍ لتحقيقِ الديمقراطيِة والسيادةِ، ويسعى ضمن إطارِ الإخوّة لتحقيق مبدأ التعاونِ والحوارِ وتكاملِ الأدوار.
وهنا يجب أن نؤكد باعتقادنا وإيماننا أنه ليس من مصلحة العراق استنساخ التجارب الفاشلة السابقة، جرّبنا التوافقية حينما شارك الكل في الحكومة فلم يتحمل أحد مسؤولية الإخفاق، للنجاح ألف أبٍ أما الفشل فلا أب شرعياً له.

ونعتقد أن القفز على نتائج الانتخابات تحت أي مسمى هو ضرب لأصل الديمقراطية، كما نسعى ونؤمن تداولًا سلمياً وسلساً للسلطة دون تهديد أو احتراب، وإلا فإنها عودة لعهود الانقلابات غير الشرعية.

عملنا وما زلنا نعمل لرأب الصدع في أي مكان، ونمد أيدينا لمن يتوافق مع رؤيتنا الوطنية، ونسعى إلى توحيد جهود المكونات العراقية لبناء مستقبل أفضل لأبناء هذا الشعب.

ولقد أفرزت العملية الانتخابية بنسبةٍ جيدةٍ جيلاً من الشباب إلى جانب كوكبةٍ من المخضرمين الحكماءِ، وأرى أن برلمانَ اليومِ أكثر قدرةً على تحقيق متطلباتِ المرحلة الملحّةِ، وكلُنا ثقةٌ بأن ينسجمَ المجلسُ مع حاجةِ الدولةِ تسديداً وتصويباً ومراقبةً للعمل الحكومي، وتشريعاً للقوانين الكفيلةِ بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.

وختاماً نجدد الشكرَ والامتنان لسماحة الأخ السيد عمار الحكيم صاحبِ المبادرة الوطنيةِ والإسلامية المشهودةِ، والرحمةُ والخلودُ لصاحبِ الذكرى شهيدِ المحرابِ سماحة السيد محمد باقر الحكيم ولشهداءِ العراقِ الغيارى الذين رووا بدمائِهم الزكية ارضَ الوطنِ من زاخو إلى الفاو، ومن مندلي إلى القائم.

الشفاءُ والعافيةُ لجرحانا

العزُّ والمجدُ لهذا الوطن العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته